فصل: توفي الخليفة أمير المؤمنين المعتصم بالله زكرياء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


و

 توفي الخليفة أمير المؤمنين المعتصم بالله زكرياء

بن إبراهيم بن محمد بن أحمد - وهو مخلوع من الخلافة - في رابع عشرين جمادى الأولى وقد ذكر ولايته للخلافة في أيام أينبك البدري بعد قتل الملك الأشرف شعبان بن حسين في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة‏.‏

ثم خلع حتى ولاه الملك الظاهر برقوق ثانيًا بعد موت أخيه الواثق فلم تطل مدته أيضًا وخلعه الملك الظاهر من الخلافة في أول جمادى الأولى من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وأعاد المتوكل على الله فاستمر المعتصم هذا معزولًا طول عمره إلى أن مات في هذه السنة وخلافته الأولى والثانية لم تطل مدته فيهما - انتهى‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين شيخ بن عبد الله الصفوي الخاصكي أمير مجلس وهو مسجون بسجن المرقب وكان ممن رقاه الملك الظاهر برقوق إلى أن جعله أمير مائة ومقدم ألف في سلطنته الثانية وجعله أمير مجلس ثم قبض عليه في سنة ثمانمائة وأنعم بإقطاعه على الوالد بعد عزله عن نيابة حلب وأخرجه الملك الظاهر إلى القدس بطالًا فساءت سيرته بها وكان مسرفًا على نفسه منغمسًا في اللذات فأمر الملك الظاهر به فنقل من القدس إلى حبس المرقب إلى أن مات به‏.‏

قلت‏:‏ وشيخ هذا هو أول أمير عظيم في دولة الملك الظاهر برقوق ممن سمي بهذا الاسم ثم بعده شيخ المحمودي الساقي أعني الملك المؤيد ثم بعده شيخ السليماني المسرطن نائب طرابلس فهؤلاء الثلاثة هم أعظم من سمي بهذا الاسم ثم جاء بعدهم في الدولة الأشرفية - برسباي - اثنان‏:‏ شيخ الأمير آخور الثاني مملوك بيبرس الأتابك وشيخ الحسني الظاهري أمير عشرة ورأس نوبة وهما كلا شيء بالنسبة إلى هؤلاء الثلاثة - انتهى‏.‏

وتوفي العبد الصالح الأمير الطواشي الرومي صندل بن عبد الله المنجكي خازندار الملك الظاهر برقوق وعظيم دولته وصاحب الطبقة - بالقلعة - المعروفة بالصندلية في ثالث شهر رمضان ووجد الملك الظاهر عليه وجدًا عظيمًا ومات ولم يخفف من المال إلا النزر اليسير إلى الغاية هذا مع تمكنه في الدولة وطول مدته في وظيفة الخازندارية في تلك الأيام وإنياته جماعة كبيرة من المماليك الظاهرية ومنهم جماعة في قيد الحياة يحكون عن زهده وصلاحه وعبادته أشياء عظيمة إلى الغاية وكان الشيخ تقي الدين المقريزي إذا حدث عنه يقول‏:‏ حدثني من لا أتهمه العبد الصالح المنجكي - انتهى‏.‏

وتوفي الأمير الكبير - أتابك العساكر بالديار المصرية وعظيم المماليك اليلبغاوية كمشبغا بن عبد الله الحموي اليلبغاوي بسجن الإسكندرية في العشرين من شهر رمضان وهو أحد من قام بنصرة الملك الظاهر برقوق عند خروجه من سجن الكرك وكان كمشبغا يوم ذلك يلي نيابة حلب وقد تقدم ذكر كمشبغا هذا في مواطن كثيرة من أواخر دولة الملك الأشرف شعبان بن حسين إلى أن أمسك وحبس ومات وكان من أجل الملوك وأعظمها قدرًا‏.‏

قيل للوالد لما ولي الأتابكية بالديار المصرية‏:‏ يا خوند امش على قاعدة الأمير كمشبغا فقال الوالد‏:‏ ‏"‏ أيش أنا حتى أمشي على طريق كمشبغا‏!‏ كمشبغا في مقام أستاذي ‏"‏‏.‏

وكان بخدمة الوالد يومئذ أزيد من ثلاثمائة مملوك ورأيت سماطه ومرتباته تسعمائة رطل من اللحم في كل يوم وفي هذا كفاية في التعريف بحال كمشبغا - رحمه الله‏.‏

وتوفي قاضي القضاة ناصر الدين أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاء الله بن عوض بن نجا بن أبي الثناء محمود بن نهار بن مؤنس بن حاتم بن نيلي ابن جابر بن هشام بن عروة بن الزبير بن العوام - رضي الله عنه - المعروف بابن التنسي المالكي قاضي قضاة الإسكندرية ثم الديار المصرية - بها - وهو قاض في أول شهر رمضان وكان مشكور السيرة رحمه الله وهو والد القاضي بدر الدين محمد بن التنسي الآتي ذكره‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قديد بن عبد الله القلمطاوي أحد أمراء الطبلخانات - بطالًا - بالقدس في شهر ربيع الأول‏.‏

وكان من قدماء الأمراء وولي نيابة الكرك في بعض الأحيان‏.‏

وتوفي الشيخ المعتقد المجذوب العجمي المعروف بالزهوري في أول صفر وكان شيخًا عجميًا وللناس فيه اعتقاد كبير لا سيما الملك الظاهر برقوق فإنه كان له فيه اعتقاد كبير إلى الغاية‏.‏

أخبرني بعض حواشي الملك الظاهر أن الزهوري هذا كان إذا جلس عند الملك الظاهر برقوق وكلمه يأخذ الملك الظاهر كلامه على سبيل المكاشفة وكان يقيم عنده غالبًا في الدور السلطانية عند الخوندات‏.‏

ووقع له مع الظاهر خوارق ومكاشفات منها أنه قال له يومًا - وقد حان أجلهما‏:‏ ‏"‏ يا برقوق أنا آكل فراريج وأنت تأكل بعدي دجاجًا ثم تروح ‏"‏ ففطن برقوق أنه يقيم بعد موت الزهوري بمقدار ما يكبر فيه الفروج‏.‏

ومرض الزهوري ومات وضاق صدر برقوق حتى كلمه جماعة في عدم ما ظنه فلم يقم بعده الظاهر إلا ثمانية أشهر ومات‏.‏

وتوفي العلامة القاضي بدر الدين محمود بن عبد الله الكلستاني السرائي الحنفي كاتب السر الشريف بالديار المصرية وأحد العلماء الأعيان في عاشر جمادى الأولى بالقاهرة وولي بعده كتابة السر فتح الدين فتح الله رئيس الأطباء وقد تقدم ذكر ولاية الكلستاني هذا لوظيفة كتابة السر بعد موت بحر الدين بن فضل الله بدمشق في ترجمة الملك الظاهر برقوق الثانية‏.‏

وكان إمامًا بارعًا مفتنًا في علوم كثيرة عارفًا باللغة العربية والعجمية والتركية وسمي بالكلستاني لكثرة قراءته كتاب السعدي العجمي الشاعر وكان الكتاب المذكور يسمى كلستان‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ستة أذرع وأربعة عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعًا وخمسة أصابع - والله أعلم‏.‏

السنة الثانية من سلطنة الناصر فرج ابن الظاهر برقوق - الأولى على مصر وهي سنة اثنتين وثمانمائة‏:‏ فيها كانت وقعة أيتمش مع الملك الناصر ثم وقعة تنم نائب الشام وقد تقدم ذكرهما في أول ترجمة الملك الناصر‏.‏

وفيها توفي خلائق من أعيان الأمراء بالسيف في واقعة تنم‏:‏ منهم الأمير الكبير أيتمش بن عبد الله الأسندمري البجاسي الجرجاوي ثم الظاهري أتابك العساكر بالديار المصرية ذبح في سجنه بقلعة دمشق في ليلة رابع عشر شعبان وكان أصله من مماليك أسندمر البجاسي الجرجاوي وترقى إلى أن صار من جملة أمراء الألوف بديار مصر بسفارة الأتابك برقوق في دولة الملك الصالح حاجي وأمير آخورًا ولما تسلطن الملك الظاهر برقوق جعله رأس نوبة كبيرًا ثم اشتراه من ورثة الأمير جرجي لما بلغه أنه إلى الآن في الرق - وقد مر ذلك كله - ثم جعله أتابك العساكر بالديار المصرية ثم ندبه فيمن ندب من الأمراء لقتال الناصري ومنطاش فقبض عليه هناك وحبس بقلعة دمشق مدة طويلة إلى أن أطلق بعد عود الملك الظاهر للملك وقدم القاهرة وكان الأمير إينال اليوسفي يوم ذاك أتابك العساكر بالديار المصرية فأنعم الملك الظاهر على أيتمش بإقطاع يضاهي إقطاع الأتابكية وولاه رأس نوبة الأمراء وجعله أتابكًا فدام على ذلك سنين إلى أن قبض الملك الظاهر على الأتابك كمشبغا الحموي وأعاده إلى الأتابكية من بعده على عادته أولًا ثم جعله في مرض موته وصيه المتحدث في تدبير مملكة ولده الملك الناصر فرج فأخذ أيتمش يدبر ملك الناصر بعد موت برقوق أحسن تدبير فثار عليه الأمراء الأجلاب من مماليك برقوق وقاتلوه وكسروه وأخرجوه من مصر إلى الشام فسار إلى دمشق‏.‏

ووافق تنم نائبها على قتالهم هو ورفقته مثل‏:‏ الوالد وأرغون شاه أمير مجلس وغيرهم فواقعوا الأمراء المذكورين بغزة وانكسروا ثانيًا وقبض على الجميع وحبسوا بقلعة دمشق ثم قتلوا عن آخرهم‏.‏

وكان كسر تنم وأيتمش هذا وقتلهما وتحكم الأمراء الأجلاب أول وهن وقع بالديار المصرية‏.‏

وكان أيتمش معظمًا في الدول قليل الشر كثير الخير متجملًا في ملبسه ومركبه ومماليكه هو وكمشبغا الحموي كانا من عظماء الأتابكية في الدولة التركية بعد يلبغا العمري الخاصكي وشيخون العمري‏.‏

وتوفي أيضًا - قتيلًا بقلعة دمشق في التاريخ المذكور مع الأتابك أيتمش - الأمير سيف الدين أرغون شاه البيدمري الظاهري أمير مجلس‏.‏

وكان من خواص مماليك الملك الظاهر برقوق وأكابر مماليكه وخيارهم‏.‏

وتوفي قتيلًا - أيضًا - الأمير سيف الدين فارس بن عبد الله القطلقجاوي ثم الظاهري حاجب الحجاب بالديار المصرية ذبحًا بقلعة دمشق في رابع عشر شعبان‏.‏

وكان أصله من مماليك الأمير خليل بن عرام نائب الإسكندرية اشتراه من شخص خباز بالإسكندرية وكان فارس هذا يبيع الخبز على حانوت أستاذه فرآه ابن عرام فأعجبه وابتاعه منه‏.‏

ثم ملكه الملك الظاهر برقوق بعد ابن عرام‏.‏

وما أعلم نسبته بالقطلقجاوي لأي قطلقجا ولعله تاجره الني جلبه من بلاده أولًا - والله أعلم‏.‏

وكان فارس يعرف أيضًا بالأعرج وكان من الشجعان الفرسان الأقشية المعدودة الذين يضرب برميهم المثل‏.‏

وقد تقدم من ذكره في واقعة أيتمش ما يكتفى بذكره‏.‏

وتوفي - قتيلًا أيضًا في رابع عشر شعبان بقلعة دمشق - الأمير شهاب الدين أحمد - أمير مجلس - ابن الأتابك يلبغا العمري الخاصكي صاحب الكبش وأستاذ برقوق وغيره من اليلبغاوية‏.‏

ولد بالكبش في حياة والده الأتابك يلبغا ثم نشأ بمصر وصار من جملة الأمراء فلما تسلطن الملك الظاهر برقوق ولاه أمير مجلس ثم ندبه لقتال الناصري ومنطاش فيمن ندب من الأمراء فلما وصل إلى دمشق عصى على برقوق وانضم على الناصري وهو أيضا مملوك أبيه فأقره الناصري على إمرته ووظيفته إلى أن قبض عليه منطاش وحبسه مع الناصري إلى أن أخرجهما الملك الظاهر برقوق في سلطنته الثانية وخلع عليه على عادته أمير مجلس فدام على ذلك سنين عديدة إلى أن تنكر عليه برقوق وحبسه ثم أطلقه - بطالًا - بالبلاد الشامية إلى أن ثار الأمير تنم الحسني نائب الشام فقدم عليه أحمد هذا ووافقه فقبض عليه مع من قبض عليه من الأمراء وقتل وكان مشهورًا بالشجاعة والإقدام‏.‏

وتوفي - قتيلًا أيضًا بقلعة دمشق في رابع عشر شعبان - الأمير سيف الدين جلبان الكمشبغاوي الظاهري المعروف بقرا سقل نائب حلب ثم أتابك دمشق‏.‏

كان من أكابر مماليك الملك الظاهر برقوق وأول من نال منهم الرتب السنية صار أمير مائة ومقدم ألف في أوائل سلطنة الملك الظاهر برقوق الثانية ثم رأس نوبة النوب ثم ولي نيابة حلب بعد الأتابك قرا دمرداش الأحمدي وهو الذي قام في أمر منطاش حتى أخذه وتسلمه من نعير ثم أمسكه الظاهر وحبسه وولى الوالد عوضه نيابة حلب فحبس مدة ثم أطلق‏.‏

واستقر أتابك دمشق فدام على ذلك مدة ثم قبض عليه برقوق ثانيًا وحبسه بقلعة دمشق إلى أن أطلقه الأمير تنم بعد موت الظاهر برقوق فدام من حزبه إلى أن أمسك وقتل مع من قتل‏.‏

وكان جليل المقدار عاقلًا شجاعًا معدودًا من رؤساء المماليك الظاهرية‏.‏

وتوفي - قتيلًا أيضًا بقلعة دمشق في التاريخ المذكور - سيف الدين يعقوب شاه الظاهري الخازندار ثم الحاجب الثاني وأحد مقدمي الألوف بالديار المصرية وكان أيضًا من خواص الملك الظاهر برقوق وأجل مماليكه وهو أيضًا ممن انضم على أيتمش وتنم‏.‏

وتوفي - قتيلًا أيضًا بقلعة دمشق - الأمير سيف الدين آقبغا الطولوتمري الظاهري المعروف باللكاش أمير مجلس وكان من جملة أمراء الألوف في دولة أستاذه الملك الظاهر برقوق ثم صار أمير مجلس فلما ركب علي باي على الملك الظاهر أتهم آقبغا هذا بممالأة علي باي في الباطن فأخرج إلى الشام ودام به حتى وافق تنم وقتل مع من قتل من الأمراء‏.‏

وكان شجاعًا مقدامًا من وجوه المماليك الظاهرية‏.‏

وتوفي - قتيلًا أيضًا بقلعة دمشق - الأمير بي خجا الشرفي المدعو طيفور نائب غزة ثم حاجب حجاب دمشق‏.‏

وهو أيضًا من مماليك الظاهر برقوق وممن صار في أيامه أمير طبلخاناه وأمير آخور ثانيًا‏.‏

فهؤلاء قتلوا جميعًا في ليلة واحدة ومعهم جماعة أخر مثل الأمير بيغوت اليحياوي الظاهري والأمير مبارك المجنون والأمير بهادر العثماني نائب البيرة ولم يبق من أعيان من قتل في هذه الواقعة - صبرًا - إلا تنم الحسني ويونس بلطا أخروهما حتى استصفوا أموالهما ثم قتلوهما حسبما يأتي ذكره الآن‏.‏

وتوفي - أيضًا قتيلًا - الأمير تنبك الحسني الظاهري المدعو تنم نائب الشام وقد مر من ذكره في واقعته مع الملك الناصر فرج ما فيه غنية من التكرار غير أننا نذكر مبادئ أمره وترقيه إلى انتهائه على سبيل الاختصار فنقول‏:‏ هو من أعيان خاصكية أستاذه الظاهر برقوق ثم أمره إمرة عشرة في سلطنته الثانية ثم أخرجه إلى دمشق وجعله أتابكًا بها بعد إياس الجرجاوي ثم نقله بعد مدة يسيرة إلى نيابة دمشق بعد موت الأمير كمشبغا الأشرفي الخاصكي فدام على نيابة دمشق نحو سبع سنين إلى أن مات الظاهر‏.‏

وخرج عن الطاعة وانضم عليه سائر نواب البلاد الشامية‏.‏

ثم جاءه أيتمش والوالد وغيرهما من أمراء مصر وواقع الملك الناصر على غزة وانكسر مع كثرة عساكره - خذلانًا من الله - وأمسك وحبس بقلعة دمشق وعوقب على المال ثم خنق في ليلة الخميس رابع شهر رمضان وخنق معه الأمير يونس الظاهري المعروف ببلطا نائب طرابلس‏.‏

وكان يونس أيضًا من كبار المماليك الظاهرية وأمرائها‏.‏

وقد ولي نيابة صفد وحماة وطرابلس‏.‏

إلا أنه كان ظالمًا جبارًا متكبرًا سفاكًا للدماء قتل بطرابلس من القضاة والعلماء والأعيان خلائق لا تدخل تحت حصر وقد مر ذكر هذه الوقائع كلها في أوائل ترجمة الملك الناصر فرح الأولى فلينظر هناك‏.‏

وتوفي قاضي القضاة مجد الدين إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن علي قاضي قضاة الحنفية بالديار المصرية - وهو معزول - في خامس جمادى الأولى‏.‏

وكان فقيهًا مفتنًا فاضلًا أفتى ودرس سنين بحلب وغيرها إلى أن طلب إلى مصر وولى القضاء بها إلى أن عزل لثقل بدنه من السمن وقلة حركته فإنه كان إذا طلع للسلام على السلطان وجلس عنده لا يستطيع القيام إلا بعد جهد من السمن‏.‏

وتوفي قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم ابن قاضي القضاة ناصر الدين نصر الله بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح الحنبلي قاضي قضاة الديار المصرية بها - وهو قاض - في ثامن شهر ربيع الأول وتولى القضاء بعده أخوه موفق الدين احمد‏.‏

وتوفي المعلم شهاب الدين أحمد بن محمد الطولوني المهندس بطريق مكة في صفر وقد توجه لعمارة المناهل بطريق الحجاز‏.‏

وتوفي شيخ شيوخ خانقاة سرياقوس جلال الدين أبو العباس أحمد ابن شيخ الشيوخ نظام الدين إسحاق بن عامر الأصبهاني الحنفي بخانقاة سرياقوس في خامس عشر شهر ربيع الآخر‏.‏

وتوفي الأمير الطواشي زين الدين بهادر الشهابي مقدم المماليك السلطانية في سابع عشر شهر رجب‏.‏

وكان من عظماء الخدام وغالب أعيان مماليك الظاهر برقوق من إنياته‏.‏

وتوفي الشيخ المعتقد المجذوب سليم السواق القرافي بالقرافة في تاسع عشر شهر ربيع الأول‏.‏

وكان للناس فيه اعتقاد ويقصد للزيارة‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قجماس بن عبد الله المحمدي الظاهري شاد السلاح خاناه - قتيلًا - في الواقعة التي كانت بين الأتابك أيتمش وبين الأمراء الذين كانوا بالقلعة‏.‏

وتوفي أيضًا الأمير سيف الدين قشتمر بن قجماس أخو إينال باي الأمير آخور في ثامن شهر ربيع الأول - قتيلًا - في الواقعة‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قطلوبغا بن عبد الله الحسامي المنجكي بالينبع بطريق الحجاز‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قرابغا بن عبد الله الأسنبغاوي أحد أمراء الطبلخانات‏.‏

كان من قدماء الأمراء بديار مصر‏.‏

وتوفي الأمير جمال الدين عبد الله ابن الأمير بكتمر الحاجب في خامس عشرين شهر ربيع الآخر بداره خارج باب النصر من القاهرة‏.‏

وتوفيت خوند شيرين والدة الملك الناصر فرج بن برقوق بعد مرض طويل في ليلة السبت أول ذي الحجة ودفنت بالمدرسة الظاهرية البرقوقية بين القصرين وحضر ولدها الملك الناصر الصلاة عليها بباب القلة من القلعة ومشى سائر أمراء الدولة وأعيانها أمام نعشها من القلعة إلى بين القصرين‏.‏

وكانت أم ولد للملك الظاهر برقوق رومية الجنس وهي بنت عم الوالد وكانت من خيار نساء عصرها حشمة ورياسة وعقلًا‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاثة أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعًا وأربعة عشر إصبعًا‏.‏

السنة الثالثة من سلطنة الناصر فرج ابن الظاهر برقوق - الأولى على مصر وهي سنة ثلاث وثمانمائة‏:‏ فيها كان ورود تيمورلنك إلى البلاد الشامية ومات بسيفه ولقدومه خلائق لا يعلمها إلا الله تعالى كثرة حسبما ذكرناه مفصلًا‏.‏

وفيها تجرد السلطان الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية بسبب تيمورلنك - وقد مر ذلك أيضًا - وهي تجريدته الثانية إلى البلاد الشامية‏.‏

وفيها قتل الأمير سيف الدين سودون بن عبد الله الظاهري قريب الملك الظاهر برقوق المعروف بسيدي سودون نائب الشام في أسر تيمور بظاهر دمشق ودفن بقيوعه من غير أن يتولاه‏.‏

واختلفت الأقوال في موتته فمن الناس من قال‏:‏ ذبحًا ومنهم من قال‏:‏ ألقاه تيمور إلى فيل كان معه فداسه برجله حتى مات وكان ذلك في أواخر شهر رجب وتولى نيابة دمشق بعده الوالد وهي نيابته الأولى على دمشق‏.‏

وكان سودون المذكور قدم من بلاد الجركس صغيرًا مع جدته لأمه أخت الملك الظاهر برقوق ومع خالة أمه أم الأتابك بيبرس والجميع صحبة الأمير أنص والد الملك الظاهر برقوق فرباه الظاهر ورقاه إلى أن جعله أمير آخور كبيرًا بعد القبض على الأمير نوروز الحافظي‏.‏

ثم وقع له أمور وقبض عليه بعد موت الملك الظاهر برقوق وسجن بالإسكندرية إلى أن أخرج بعد واقعة الأتابك أيتمش‏.‏

ثم ولي نيابة دمشق بعد مسك الأمير تنم الحسني نائب الشام ودام بدمشق إلى أن ورد عليه قاصد تيمورلنك فوسطه فكان ذلك أكبر الأسباب في قتله فإن تيمور لم يقتل أحدًا من نواب البلاد الشامية سواه‏.‏

وتوفي قاضي القضاة موفق الدين أحمد ابن قاضي القضاة ناصر الدين نصر الله بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح العسقلاني الحنبلي في ثامن عشر شهر رمضان وكان مشكور السيرة‏.‏

ولم تطل مدته في القضاء فإنه ولى القضاء بعد أخيه برهان الدين إبراهيم في السنة الماضية‏.‏

وتوفي قاضي القضاة تقي الدين عبد الله بن يوسف بن أحمد بن الحسين بن سليمان بن فزارة بن بدر بن محمد بن يوسف الكفري - بفتح الكاف - الحنفي الدمشقي قاضي قضاة دمشق في العشرين من ذي القعدة في أسر تيمور‏.‏

وتوفي قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن عبد الله النحريري المالكي قاضي قضاة الديار المصرية وهو معزول في ثاني شهر رجب‏.‏

وتوفي الأمير شهاب الدين أحمد بن عمر بن الزين والي القاهرة في ثاني عشر شهر ربيع الأول بعد أن ولي شد الدواوين وولاية القاهرة غير مرة‏.‏

وكان من الظلمة‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين أسنبغا بن عبد الله العلائي الدوادار الظاهري في سادس عشر جمادى الأولى وكان من جملة الدوادارية الصغار في دولة الملك الظاهر برقوق‏.‏

وتوفي الأمير زين الدين فرج الحلبي نائب الإسكندرية بها في آخر شهر ربيع الأول وقد ولي شد الدواوين بالقاهرة ثم صار من جملة الحجاب ثم ولي أستادارية الذخيرة والأملاك ثم ولي نيابة الإسكندرية فدام بها إلى أن مات‏.‏

وتوفي الأمير زين الدين أبو بكر بن سنقر ابن أخي بهادر الجمالي في ثالث عشر جمادى الآخرة‏.‏

وكان ولي الحجوبية الثانية بالديار المصرية بتقدمة ألف وتوجه أمير حاج المحمل وتنقل في عدة وتوفي الأمير سيف الدين بجاس بن عبد الله النوروزي أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية بها - بطالًا - بعد ما كبرت سنه في ثاني عشر شهر رجب‏.‏

وكان لما استعفى من الإمرة بعد موت الملك الظاهر برقوق أنعم بإقطاعه على الأمير شيخ المحمودي - أعني الملك المؤيد - فرعاه أستاداره جمال الدين يوسف البيري البجاسي فعرف له ذلك الملك المؤيد شيخ لما تسلطن وأحسن لذريته‏.‏

وتوفي الوزير كريم الدين عبد الكريم بن عبد الرزاق بن إبراهيم بن مكانس القبطي المصري أخو الشاعر فخر الدين في خامس عشر جمادى الآخرة وهو معزول عن الوزر‏.‏

وقد ولي الوزر بالديار المصرية ونكب وصودر غير مرة وجمع في بعض الأحيان بين وظيفتي الوزر ونظر الخاص معًا‏.‏

وكان سيىء السيرة كثير الظلم والرمايات‏.‏

وولي مشيرًا في سلطنة الملك الظاهر برقوق ثم نكب هو وإخوته ومات - بعد خطوب قاساها - يوم الثلاثاء رابع عشرين جمادى الآخرة وكان من أعاجيب الزمان من الخفة والطيش وسرعة الحركة‏.‏

يقال إنه قال لبعض حواشيه - وهو نازل في موكبه بخلعة الوزارة لما أعيد إليها والناس بين يديه‏:‏ يا فلان ما هذه الركبة غالية بعلقة مقارع‏.‏

وتوفي قاضي قضاة الديار المصرية نور الدين علي بن يوسف بن مكي الدميري المالكي وتوفي الشيخ الإمام الفقيه سيف الدين قطلوبغا بن عبد الله الحنفي في نصف جمادى الأولى‏.‏

وكان فقيهًا فاضلًا مستحضرًا لمذهبه معدودًا من فقهاء الحنفية‏.‏

وتوفي قاضي القضاة بحر الدين محمد بن أبي البقاء الشافعي قاضي قضاة الديار المصرية وهو معزول عن القضاء في سابع عشرين شهر ربيع الآخر‏.‏

وتوفي قاضي القضاة شرف الدين محمد بن محمد الدماميني المالكي الإسكندري قاضي الإسكندرية ثم ناظر الجيش والخاص بالديار المصرية في سابع عشرين المحرم‏.‏

كان رئيسًا فاضلًا ولي قضاء الإسكندرية ثم وكالة بيت المال ونظر الكسوة ثم نظر ديوان المفرد ثم نظر الأسواق‏.‏

وولي حسبة القاهرة غير مرة ثم ولي نظر الجيش بالديار المصرية بعد موت القاضي جمال الدين محمود العجمي - مضافًا إلى وكالة بيت المال في سنة تسع وتسعين إلى أن صرف بسعد الدين بن إبراهيم بن غراب واستمر على وكالة بيت المال - ثم أعيد إلى نظر الجيش والخاص معًا فلم تطل مدته فيهما وعزل وأعيد إليهما ابن غراب وتولى قضاء الإسكندرية فدام بها إلى أن مات في التاريخ المذكور‏.‏

وتوفي قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن موسى بن محمد الملطي الحنفي قاضي قضاة الديار المصرية - وهو قاض - في تاسع عشر شهر ربيع الآخر‏.‏

وكان بارعًا في الفقه والأصول والعربية وعلمي المعاني والبيان‏.‏

وكان تفقه في مبادئ أمره على العلامة الشيخ قوام الدين الأتراري الحنفي شارح الهداية ثم على العلامة أرشد الدين السرائي وغيرهما بالديار المصرية ثم انتقل إلى حلب واشتغل بها أيضًا إلى أن برع وأفتى ودرس وتفقه به جماعة كبيرة من العلماء إلى أن طلب إلى قضاء الديار المصرية بعد وفاة القاضي شمس الدين الطرابلسي سنة ثمانمائة فدام قاضيًا إلى أن مات وقد ناهز الثمانين سنة‏.‏

وتوفي قاضي قضاة الحنابلة - بدمشق - تقي الدين إبراهيم ابن العلامة شمس الدين محمد بن مفلح الحنبلي الدمشقي بها في شعبان‏.‏

وتوفي قاضي القضاة صدر الدين أبو المعالي محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن السلمي المناوي الشافعي قاضي قضاة الديار المصرية وهو في أسر تيمور غريقًا بنهر الزاب بعد ما مرت به محن وشدائد بعد أن ولي قضاء الديار المصرية غير مرة‏.‏

وتوفي قاضي القضاة الحنفية - بدمشق - بدر الدين محمد بن محمد بن مقلد القدسي الحنفي بمدينة غزة في شهر ربيع الأول فارًا من تيمورلنك إلى الديار المصرية‏.‏

وكان فاضلًا بارعًا أفتى ودرس وناب في الحكم ثم استقل بالقضاء مدة‏.‏

وتوفي السلطان الملك الأشرف إسماعيل ابن الملك الأفضل عباس ابن الملك المجاهد علي ابن الملك المؤيد داود ابن الملك المظفر يوسف ابن الملك المنصور عمر بن علي بن رسول صاحب اليمن في ليلة السبت ثامن عشر شهر ربيع الأول بمدينة تعز من بلاد اليمن عن سبع وثلاثين سنة‏.‏

وكان ولي سلطنة اليمن بعد موت أبيه في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة فدام في الملك إلى أن مات في التاريخ المذكور في هذه السنة‏.‏

وكان ملكًا جليلًا سخيًا مقبلًا على أهل العلم وصنف تاريخًا حسنًا وجمع كتبًا كثيرة وتولى مملكة اليمن من بعده ابنه الملك الناصر أحمد‏.‏

وتوفي السلطان الأعظم ملك دلي من بلاد الهند فيروز شاه بن نصرة شاه وكان من أجل الملوك ومملكته متسعة جدًا ذكر عنها القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله العمري أشياء عظيمة في كتابه ‏"‏ مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ‏"‏ من ذلك أن له ألف مغن وألف نديم وذكر عن سماطه أشياء خارجة عن الحد وأظن أن فيروز شاه هو حفيد الملك الذي ترجمه القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله‏.‏

قلت‏:‏ ولما سمع تيمورلنك بموت فيروز شاه بادر وتوجه إلى الهند واستولى على ممالكه حسبما تقدم ذكره في ترجمة الملك الناصر فرج هذا وقام بممالك الهند بعده ابنه محمد شاه وجميع مملكته حنفية بل غالب ممالك الهند‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاثة أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعًا واثنا عشر إصبعًا وهي سنة تحويل‏.‏

بن برقوق - الأولى على مصر وهي سنة أربع وثمانمائة‏:‏ فيها توفي الأمير سيف الدين جنتمر بن عبد الله التركماني الطرخاني كاشف الوجه القبلي في صفر‏.‏

كان له مع الأعراب أمور ووقائع وكان شجاعًا أبادهم وأفنى منهم خلائق إلى أن مهد بلاد الصعيد وقراها‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام المقرىء فخر الدين عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان البلبيسي الشافعي الضرير إمام جامع الأزهر وشيخ القراءات في ثاني ذي القعدة‏.‏

وتوفي الشيخ سيف الدين لاجين بن عبد الله الجركسي في شهر ربيع الآخر عن ثمانين سنة‏.‏

وكان معظمًا عند طائفة الجراكسة يزعمون أنه يملك الديار المصرية ويشيعون ذلك ولأجله هرب جماعة من الأمراء من دمشق في واقعة تيمور وعادوا إلى الديار المصرية ليسلطنوه فكان ما حصل على أهل الشام من تيمور بسبب هذا المشؤوم الطلعة‏.‏

وكان لاجين المذكور لا يكتم ذلك بل كان يعد الناس أنه إذا ملك مصر يبطل الأوقاف التي على المساجد والجوامع ويحرق كتب الفقه ويعاقب الفقهاء ويولى بمصر قاضيًا واحدًا من الحنفية‏.‏

وهو من الأتراك لا من الفقهاء فسلبه الله ما أمله قبل أن يتأمر عشرة بل مات وهو على جنديته‏.‏

وكان يتمعقل ويدعي العرفان مع جهل مفرط وخفة عقل وهو مع ذلك مقبول الكلام عند الطائفة إلى الغاية وببعض كلامه يتمثل بعضهم إلى يومنا هذا‏.‏

وممن أدركناه من أتباعه سودون الفقيه حمو الملك الظاهر ططر وسودون الأعرج الظاهري وطرباي الأتابك نائب طرابلس وكانوا يحكون عنه أمورًا يقصدون بذلك تعظيمه لو تأملوها لعلموا أنه رفع عنه وعنهم القلم‏.‏

وتوفي الشيخ المعتقد الصالح شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد بن الناصح في سابع عشر شهر رمضان ودفن بالقرافة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربعة أذرع وأربعة عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وواحد وعشرون إصبعًا‏.‏